لم يستمر جو الكآبة ذاك ولم تستبد به العزلة طويلاً بل ساعدته
المدرسة على أن يتحرر من تلك الصبغة التي نشأ بها ليجد نفسه مع الدراسة بين أصدقاء
متعددين ووسط صحبة جميلة. في المنامة كانت بداية مشواره الدراسي حتى أنهى الثانوية، ثم حزم حقائبه
نحو مصر وإلى القاهرة بالتحديد وفي جامعتها انتظم في كلية الحقوق، وبعد أن أنهى فترة الدراسة هناك والتي
يصفها بأنها غنية بلا حدود ويبدو أنها كذلك بالفعل إذ يُقال إن
رواية شقة الحرية التي كتبها، والتي كانت هي الأخرى غنية بلا حدود تحكي التجربة
الواقعية لغازي أثناء دراسته في القاهرة.
بعد ذلك، عاد إلى السعودية يحمل معه شهادة البكالوريوس في القانون وكان في تخطيطه أن يواصل دراسته في الخارج وأصرّ
على ذلك رغم العروض الوظيفية الحكومية التي وصلته وكان أهمّها عرضاً يكون بموجبه
مديراً عاماً للإدارة القانونية في وزارة البترول والثروة المعدنية (وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية حاليا) والتي كان يحمل
حقيبتها آنذاك عبد الله الطريقي إلا أنه رفضه مقدماً طموح مواصلة الدراسة على ما سواه. كان
أبوه حينها قد عرض عليه الدخول في التجارة معه ومع إخوته إلا أنه اعتذر من أبيه عن
ذلك أيضاً فما كان من الأب شديد الاحترام لاستقلال أولاده كما يصفه ابنه إلا أن
يقدّر هذه الرغبة بل وساعده بتدبير أمر ابتعاثه الحكومي إلى الخارج وهذا ما تم،
وفي 1962 ونحو لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية كانت الوجهة هذه المرة وفي جامعة جنوب كاليفورنيا العريقة قضى ثلاث سنوات توّجت بحصوله على درجة الماجستير في العلاقات الدولية.[4] وفي أميركا وأثناء دراسة الماجستير، جرّب غازي منصبًا
إداريًا للمرة الأولى وذلك بعد فوزه بأغلبية ساحقة في انتخابات جمعية الطلاب العرب
في الجامعة، وبعد رئاسته لها بأشهر أصبحت الجمعية ذات نشاط خلاق، بعد أن كانت
الفرقة سمتها نظراً للوضع الذي كان يعيشه الوطن العربي آنذاك والذي يؤثر بالطبع
على أحوال الطلاب العرب